بقلم / طارق بدراوى
** شارع عبد العزيز **
شارع عبد العزيز بوسط مدينة القاهرة يعد من اهم الشوارع التجارية في مصر حيث يفد إليه الآلاف كل يوم بسبب الشهرة التي اكتسبها منذ سنين في مجال تجارة الأجهزة الكهربائية وأضيف إليها بعد ذلك تجارة أجهزة التليفون المحمول الجديدة والمستعملة وكذلك مستلزماته ويقع هذا الشارع بين ميدان عابدين سابقا الجمهورية حاليا وبين ميدان العتبة ولايعلم أغلب زوار هذا الشارع تاريخه وأنه كان في الأصل المدفن الرئيسي لسكان القاهرة وعندما أرادت الدولة في عام 1870م في عهد الخديوى إسماعيل شق طريق يصل مابين ميدان عابدين الذى كان وقتها هو قصر الحكم ومابين ميدان العتبة والذى تم تسميته ميدان العتبة الخضراء بعد ذلك نظرا لوجود قصر به خاص بالخديوى عباس حلمي الثاني كان مدخله يحمل اللون الأخضر ثم عاد له إسمه السابق ميدان العتبة فقط بعد ازالته كان الإسم الذى اختارته وتم إطلاقه علي الشارع هو شارع عبد العزيز وذلك تكريما وتخليدا لإسم السلطان العثماني عبد العزيز خان الذى كانت بينه وبين الخديوى إسماعيل علاقات ودية والذى دعاه لزيارة مصر في شهر أبريل عام 1863م بعد ثلاثة شهور فقط من توليه الحكم وأقام بالقاهرة والإسكندرية لمدة 10 أيام وقد استطاع الخديوى إسماعيل أن يحصل منه علي 3 فرمانات متتابعة أولها في عام 1866م وثانيها في عام 1867م وثالثها في عام 1873م منحت مصر بعض الإستقلال الذاتي بعيدا عن سيطرة وسلطة الدولة العثمانية في الكثير من الأمور كما منحت الولاة المصريين لقب الخديوى وهي كلمة فارسية تعني السيد أو الأمير ولم يتلفب به إلا ولاة مصر فقط دونا عن باقي الولاة العثمانيين في الولايات العثمانية الأخرى مثل الشام والحجاز وأخيرا جعلت ولاية العهد محصورة في ذرية الخديوى إسماعيل من بعده …..
وأول ماتم إنشاؤه في هذا الشارع كان مسجد تم تسميته مسجد العظم حيث جمع الأهالي رفات وعظام موتاهم ووضعوها في المكان الذى تم بناء المسجد فيه كما أقاموا به مقاما لأحد الأولياء الذى كان مدفونا بالمنطقة إسمه العارف بالله عبد القادر الدسوقي شقيق الشيخ إبراهيم الدسوقي والموجود مقامه ومسجده في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ بدلتا مصر وكان أول من سكن هذا الشارع بعض الأثرياء والأعيان وذلك نظرا لقربه من قصر الخديوى ومن معالم هذا الشلرع دار سينما أوليمبيا والتي تعد أقدم دار سينما في مصر وفي الشرق الأوسط كله ويتعدى عمرها المائة عام وكانت الأرض التي بنيت عليها ملك لمحمد شريف باشا المعروف بإسم أبو الدستور المصرى والذى ترأس النظارة قبل تغيير إسمها إلى الوزارة عدة مرات في عهد الخديوى إسماعيل وفي عهد الخديوى توفيق من بعده ونظرا لحبه الشديد للشيخ سلامة حجازى الذى ذاع صيته كمطرب وملحن في ذلك الوقت فقد أهداه تلك الأرض لتكون مقرا لأول مسرح فني في مصر ولكن بعد إنتشار فن الرسوم المتحركة تحول هذا المسرح إلى سينما وتم عرض أول عرض سينمائي بها في يوم 10 أكتوبر عام 1907م ولكن ظلت أيضا تعرض بها العروض المسرحية حتي قرر صاحبها مسيو باردى في عام 1911م تحويلها إلى سينما بالكامل وتم تسميتها سينما أوليمبيا والتي كانت تعمل حتي عدة سنوات مضت ثم تم إغلاقها بعد ذلك …..
وبخصوص النشاط التجارى بهذا الشارع فقد بدأت حكايته عندما تأسس في القاهرة محل تجارى إسمه أوروزدى باك في عام 1856م وهو ضابط مجرى أسس سلسلة محلات تحمل إسمه تخطي عددها الثمانين فرعا في عواصم بلاد مختلفة عربية وأوروبية ومابين عام 1905م وعام 1906م تم إنشاء مقر جديد لهذا المتجر مكون من عدد 6 طوابق بشارع عبد العزيز عند تقاطعه مع شارع رشدى باشا صممه المهندس المعمارى راؤول براندن علي الطراز المعروف بإسم الباروك أو الروكوكو وبعد عدة سنوات اشتراه ثرى مصرى يهودى وغير إسمه إلي عمر أفندى والذى توسع بعد ذلك في تجارته وقام بافتتاح سلسلة فروع في القاهرة والمحافظات المختلفة ومما يذكر أن هذا المبني كانت تخرج منه أنوار تضيء ليل القاهرة كإعلان عن وجود أوكازيون ليلفت أنظار الناس إلى المحل فيتوافدوا إليه …..
وكانت تلك بداية النشاط التجارى بشارع عبد العزيز ثم بعد فترة انتشرت تجارة الأثاث في هذا الشارع وتم إفتتاح عدة محلات أصبحت بعد ذلك من اشهر محلات الأثاث المحلي والمستورد في مصر وكان زبائنها من طبقة الأغنياء والموسرين والقادرين وأصبحت تلك المتاجر قبلة جميع المقدمين علي الزواج وكان منها محلات السبلجي باشا والفرنواني باشا وعلي بك السمرى وكانت تجارة الأثاث هي الغالبة على متاجر شارع عبد العزيز حتى نهاية ثمانينيات القرن العشرين الماضي ومع بداية التسعينيات تغير الحال وأصبحت التجارة الغالبة في الشارع هي تجارة الأجهزة الكهربائية ومع نهاية التسعينيات دخلت تجارة أجهزة التليفون المحمول ومستلزماتها إلى جانب تجارة الأجهزة الكهربائية وتكاد تكون هي التجارة السائدة والغالبة بالشارع في الوقت الحالي ….